top of page

الروائي المصري الكبير ادوار الخراط: نجيب محفوظ حظي بأكثر مما يستحق إسهامه

  • صورة الكاتب: ريم نجمي
    ريم نجمي
  • ٢٦ أبريل ٢٠٢١
  • 4 دقائق قراءة

ربما كان من غير الممكن أن تزور القاهرة، ولا تزور أديبها الكبير ادوار الخراط. لذلك طلبت من الأستاذ سعيد الكفراوي الكاتب المصري بعد أن حاورته، أن يحدد لي معه موعدا. وكانت استجابة الأستاذ الخراط استجابة فورية مرحبة. وفي شقته المطلة على النيل بحي الزمالك، تم اللقاء. استقبلتني زوجته وقدمت لي الشوكولاطة مهنئة بشهر رمضان. كان الأستاذ داخل مكتبته غارقا وسط الكتب التي لم تترك مكانا أو مساحة دون أن تحتلها داخل وخارج الرفوف. إن نهمه للمعرفة والقراءة كبير، ورغم بلوغه الثمانين في مارس الماضي إلا أنه دائما يقول:" أحس كل يوم أنني لم أفعل شيئا، وكأنما أريد أن أبدأ من جديد" .

ولعل هذا الإحساس هو ما قد يفسر تجاوز أعماله للمئة ما بين قصص وروايات وشعر ودراسات وكتب ومسرحيات مترجمة . تتميز أعمال ادوار الخراط بحضور أساسي للإسكندرية، المدينة التي رأى فيها النور و ترعرع فيها، وكذا حضور العنصر القبطي الذي ينتمي إلى فضائه الديني والروحي والثقافي والاجتماعي. مما يميز خطابه وتكوينه وجرأة مغامرته الأدبية. كما يذكر له النقاد إسهامه في إثراء الخطاب النقدي العربي بمفاهيم جديدة أصبحت متداولة بكثافة ,مثل: الحساسية الجديدة ,القصة القصيدة ,الكتابة عبر النوعية...

هنا نص الحوار الذي جرى مع الكاتب الكبير الأستاذ ادوار الخراط الذي خص به الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، مؤكدا وأنا أغادره بأنه في انتظار نسخة من هذا الملحق، ينبغي أن تصله إلى عنوانه.


حاورته في القاهرة: ريم نجمي


الأستاذ ادوار الخراط، قدمت الكثير للأدب وعبرت مسارا مهما في الإبداع العربي. كيف كانت البداية وكيف كانت فترة التكوين؟


كانت البداية الفعلية فيما يخيل إلي مع بداية الوعي نفسه، مع بداية معرفة القراءة والكتابة. أذكر أنني ربما عندما كنت في العاشرة كتبت ما يشبه القصة القصيرة، وما يشبه القصيدة الشعرية من غير وزن ولا تفعيلات خليلية .إذن كانت هناك هذه النزعة نحو السعي إلى المعرفة والى التعبير عن معرفة ما,منذ بداياتي المبكرة.

أما التكوين فهي قصة طويلة، هي قصص الحياة، الخبرات الحياتية المختلفة مع قراءات لا يكاد النهم إليها ينفد أو ينضب و أرجو أن يستمر هذا النهم حتى اللحظة الأخيرة.


هل هذا يعني أنك في تكوين مستمر؟

التكوين مستمر ولا يزال مستمرا بطبيعة الحال . وعندما ينتهي المرء أو المثقف أو الفنان من التكون,أي من التجدد فإنه ينتهي تماما.


· المعروف أيضا أن مصادر ثقافتك مختلفة،فأنت ابن التراث العربي ,وابن التراث القبطي ,وابن التراث العالمي قراءة وترجمة .وكنت فاعلا به ومازلت في الثقافة العربية, فما هي أهم موارد هذه الثقافات التي كونت ادوار الخراط؟

لا, هذا صعب .هذه قصة حياة كاملة .التراث العربي بالتأكيد له أهمية كبرى ,ثم يأتي بعد ذلك مثلا الرواية الروسية الكبرى ,مترجمة طبعا إلى الإنجليزية أو الفرنسية ,فأنا لا اعرف اللغة الروسية ,من غوغول إلى دوستويفسكي ,وتولتستوي,وتورغينيف...ويصاحب هذا زمنيا أيضا الشعر الإنجليزي ,أنا كنت و مازلت مفتونا بأشعار الرومانسيين الإنجليز وأيضا شعر السوريالية الفرنسي و بودلير بالتأكيد قبل ذلك .وهكذا مما لا يكاد ينتهي حصره من عيون التراث الإنساني والعربي بالتأكيد.



بعد هذا المشوار الطويل, كيف ترى الأدب ؟هل هو كما تقول دائما سعي إلى المعرفة أو دفاع عن أهوال الحياة والموت؟

كلاهما طبعا ,سعي إلى المعرفة ,لكنه سعي يتميز بخصائص متميزة ليس هو السعي إلى المعرفة كما يحدث في العمل الفلسفي أو الفكري أو النظري ... لكنه سعي إلى المعرفة عن طريق السعي إلى الجمال في الوقت نفسه و السعي إلى التواصل مع الناس الآخرين ,مع المتلقي بشكل عام .هذا كله فيما أتصور يكون دفاعا ضد أهوال الحياة و الموت.


لنتحدث عن ثلاثية "رامة و التنين " و "الزمن الآخر" و" يقين العطش " ما الذي تحمله هذه الثلاثية من أسئلة ؟ وما الذي حققته في الأدب العربي على مستوى الشكل و المضمون؟

هذا السؤال يجيب عليه الناقد أو الباحث أو الدارس, ولا يمكن للكاتب أن يجيب عنه بالفعل .ولكن لنقل إن الأسئلة التي يدور حولها هذا العمل ,هي نفسها الأسئلة التي تدور حولها كل أعمالي .وربما كل أعمال الأدب .طبعا مسألة المصير ,مسألة الموت,مسألة الحب ,مسألة العدل ,السعي نحو حقيقة ما, نحو معرفة ما ,السعي نحو التواصل مع الآخر...هذه المحاور التي يعمل عليها الأدب و الفن ,وربما تدور حولها الحياة نفسها.


بدأت الكتابة حداثيا في الأربعينات أنت و الكاتب الراحل بدر الديب ,كيف كان تأثيركما على حداثة الأدب العربي؟

مرة أخرى هذا سؤال يجيب عنه النقاد.ولكن أتصور أو أرجو أن يكون عملنا مع بعض الكتاب الذين نسميهم طليعيين أو حداثيين قد أحدث نقلة معينة في الحساسية الأدبية العامة ,أو في الذائقة العربية العامة وفي أسلوب تلقي القراء للأدب.بمعنى لم يعد الادب يدور حول العبارات أو الجمل أو الشكلانيات المتأنقة فقط,بل يذهب إلى عمق الأسئلة المصيرية.

أعلم أنك من المواكبين للحركة الثقافية المغربية ,ما الذي استوقفك فيها كروائي وكناقد؟

الثقافة المغربية جزء طبعا لا ينفصل عن الثقافة العربية بشكل عام . لاشك أن الثقافة المغربية شأنها شأن الثقافات الفرعية المتحدرة عن ثقافة عربية عامة ,تشي وتنم عن الواقع المغربي سواء ,على الصعيد الثقافي أو على صعيد الواقع اليومي المعيش.طبعا لعل الثقافة المغربية باتصالها الأوثق( من الثقافة المشرقية بشكل عام فيما عدا لبنان) بالثقافة الفرنسية ,لعل ذلك أدى إلى ظهور شيء أو قدر من الجرأة و المغامرة في تناول المسائل التي يحظر تناولها في المشرق أو كان يحظر تناولها .مسائل الجنس و السياسة و الدين .فأظن ,بل أنا موقن أن المغرب استطاع أن يتناول هذه المحظورات بجرأة ,كانت هاديا وقدوة للكتاب المشارقة.


ما الذي تعنيه لك العالمية خصوصا وأن أعمالك ترجمت إلى عدة لغات؟

ما الذي تعنيه العولمة و العالمية فيما عدا توسيع دائرة المتلقين ؟حيث دائما يسعى الكاتب ولعله أيضا ينوء بهم أو عبء أن هناك عددا أكبر من المتلقين لأعماله ,مما يضع عليه عبء مسؤولية أكبر وأثقل ,وربما هذا ما يعنيه انتقال الأعمال إلى ترجمات أخرى .


هل هذا يعني أنك وأنت تكتب تستحضر القارئ العالمي؟

(بشدة وإصرار) لا أستحضر أي قارئ من أي نوع على الإطلاق.ليس بيني وبين الورق إلا متطلبات الفن لا غير.بالعكس ,أظن أن استحضار عناصر مقحمة أو غريبة عن العمل الفني ,كتصور قارئ معين عربي او غير عربي, بل بالتأكيد قد يعطب ويضير العمل الفني .استحضار المتلقي عند الكتابة عبء على الكتابة.



بعد رحيل نجيب محفوظ ,هل تعتقد أنه ترك ثغرة في المشهد الثقافي العربي عموما؟

لا....


· لماذا؟

الإجابة لا, لأنه ببساطة هناك الكثيرون ممن يسيرون على الدرب الذي رسمه نجيب محفوظ في العمل الروائي ,الذي نسميه عادة العمل الواقعي الذي اهتم بالموضوعات الاجتماعية بالخصوص أو بالدرجة الأولى.لهذا فلا أعتقد أن هناك ثغرة .صحيح أنه مهد الطريق أمام أجيال لاحقة مختلفة ,وله فضل... لا أريد أن أقول.. الريادة ,لأن الريادة كلمة تعني أشياء كثيرة . له فضل تمهيد هذا الطريق, لكن بعد ذلك جاءت أجيال متلاحقة من الكتاب والأدباء الذين شقوا مسارات مختلفة .طبعا يدينون جميعا بالفضل لمن شق الطريق لهم ,خصوصا مع ذيوع صيته وشهرته من بين كتاب من مجايليه أو من سبقوه ممن يفوقونه مقدرة و أصالة .وتحضرني الآن أسماء مثل ابراهيم عبد القادر المازني ويحيى حقي وغيرهما , لكن نجيب محفوظ كان له من ذيوع الشهرة ما لعله ترك أثرا لا أقول سيئا, بل أقول أكثر مما يستحق إسهامه الفعلي.


* نشر الحوار في جريدة الاتحاد الاشتراكي أكتوبر 2006


Comments


Thanks for submitting!

© 2023 by The Book Lover. Proudly created with Wix.com

  • Facebook
  • Twitter
bottom of page