عندما شاركني جو دسان كتابة الرواية
- ريم نجمي
- ٣١ مارس ٢٠٢١
- 2 دقائق قراءة
تاريخ التحديث: ١ أبريل ٢٠٢١
تختلف طقوس الكتابة الإبداعية من كاتب لآخر، ففي الوقت الذي يستمتع فيه كاتب ما بالكتابة على خلفية موسيقية هادئة يختار آخر الصمت التام للوصول إلى جو إبداعي مناسب لكن هل يمكن فعلا الكتابة على خلفية موسيقية غنائية، حيث تتداخل أفكار الكتابة مع صوت المغني أو المغنية؟ هنا تجربة خاصة:

أنا مدينة لكل هؤلاء المغنين والمغنيات الذين أسمعهم أثناء الكتابة، يتواطأ صوتهم مع الكلمات ومع الأفكار، وكأنهم يكتبون معي النص. أتساءل إن كان النص سيكون هو نفسه، لو لم يكن صوت وإحساس ونَفَس هؤلاء في الخلفية؟ في رواية اشتغلت عليه في الفترة الماضية أجدني مدينة بالشكر لجو دسان، خوسيه لارالدي، دوللي بارتون، فايزة أحمد، إسماعيل أحمد، فكرت كيزيلوك... تساعد الأغاني على تقمص الحالة والدخول في الجو المناسب للنص وقد تنجح أغنية لا تفهم لغتها في الدخول إلى مكان بداخلك، لم تكن تدركه أنت نفسك. أعرف أن الأمر لا ينجح مع كل الأغاني، فبعضها قد يسحب تركيز الكاتب من النص لصالح عوالم الأغنية، لكن هناك أغان أخرى تحملك على جناحها وتدخلك عالما آخر يفصلك عن الواقع وكأنك في مرحلة متقدمة من مراحل "الجدبة". قبل أيام سمعت مقتطفات من حوار لنجيب محفوظ يتحدث عن الخلفية الموسيقية أثناء الكتابة، "اعتبرها أساسية رغم أنه لا يسمع الأغنية فعليا لكن إذا أطفأ أحدهم الكاسيت، فإنه سينتبه لذلك وسينزعج."

أحيانا أتمسك بإحدى تلك الأغاني وأجعل أغنية من خمس دقائق تتكرر على مدار ساعات دون أن يزعجني التكرار، بل إن التكرار في حد ذاته يتحول إلى خلفية صوتية رائعة لا تتقاطع مع أفكار الكاتبة وإنما توازيها وتحملها برفق دون أن تلمسها. المشكلة فقط إذا كان الزوج في البيت، قد يتحمل التكرار مرة ، مرتين، ثلاث مرات... لكن" مش كل الأمسية يا ريم." الأغاني العربية بلهجاتها المختلفة نادرا ما أسمعها أثناء الكتابة السردية، لأنني أحبها وأسمعها بقلبي، فتحدث تشويشا على الكتابة، بخلاف الأغاني من باقي لغات العالم سواء التي أفهمها والتي لا أفهمها...المهم أن الخلفية الموسيقية تغطي على الصمت وعلى الضجيج الذي يحدثه في الرأس. أحيانا تكون الموسيقى طوق نجاة من أصوات تخدش جو الكتابة: تكّات الساعة، خطوات الجيران، أزيز حشرة طائرة...
قد توحي الأغاني أيضا بفكرة، بصورة ما، وقد تفتح بابا عصيا على الفتح. الغريب أن الأغاني التي تكون ملهمة أثناء كتابة نص ما، تصبح غير ذات معنى بالنسبة لنص آخر ، وكأن لابد من توافق كيميائي بين الأغنية والنص. لذلك ارتبطت أغان معينة في ذاكرتي مع نص ما، لتتحول الأغاني إلى ذكرى من ذكريات الكتابة.
الكاتبة: ريم نجمي
Comments